في عالم يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، تصبح مهارات التفكير المتقدم والقدرة على التعامل مع المشكلات المعقدة من المهارات الضرورية لكل إنسان. وفي بيئة مثل مخيم الهول، حيث تتضاعف التحديات وتتداخل العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية، تزداد أهمية امتلاك الأفراد، وخاصة النساء، لأدوات التفكير التكاملي المعقد.
في هذا السياق، تواصل منظمة شمس للتأهيل والتنمية تنفيذ سلسلة من التدريبات المنتظمة في مجال التفكير التكاملي المعقد (Integrated Complex Thinking) للنساء المقيمات في مخيم الهول. يأتي هذا البرنامج ضمن رؤية شمس الهادفة إلى بناء قدرات النساء الفكرية والمعرفية لمساعدتهن على مواجهة تعقيدات الحياة اليومية بشكل أكثر وعياً وفعالية.
التفكير التكاملي المعقد لا يقتصر فقط على تحليل المشكلات أو اتخاذ القرارات، بل يتجاوز ذلك ليشمل القدرة على الربط بين الأفكار المختلفة، فهم أبعاد المشكلات المتشابكة، استكشاف البدائل، تقييم المخاطر، واختيار الحلول الأكثر ملاءمة ضمن بيئات مليئة بالتحديات وعدم اليقين. هذه المهارات الفكرية تمنح المرأة القدرة على قيادة حياتها بوعي أكبر، والتفاعل مع محيطها بشكل إيجابي وفعّال.
خلال الجلسات التدريبية، يتم تقديم تدريبات تفاعلية تجمع بين النظريات الحديثة في علوم التفكير وأساليب التطبيق العملي، حيث تعمل المشاركات على تحليل حالات واقعية مستمدة من حياتهن اليومية. يتعلمن كيفية تفكيك المشكلات الكبيرة إلى مكونات أصغر، وتحليل الأسباب والجذور، ثم البحث عن حلول بديلة قائمة على التفكير النقدي والتفكير الإبداعي في آن معاً.
يتميز هذا النوع من التدريب بتركيزه على إشراك المشاركات بفعالية من خلال النقاشات الجماعية، تمارين المحاكاة، ولعب الأدوار، مما يساعد على تطوير مهاراتهن الذهنية بطريقة عملية وواقعية. كما يتم تشجيع النساء على مشاركة تجاربهن الشخصية، وتحليلها من منظور التفكير التكاملي، مما يعزز لديهن الشعور بالثقة والقدرة على التغيير.
يهدف هذا البرنامج المستمر إلى تحقيق عدة نتائج محورية، من أبرزها:
-
رفع مستوى الوعي المعرفي لدى النساء في التعامل مع المشكلات الحياتية المعقدة.
-
تعزيز مهارات التحليل والتفكير المنطقي والنقدي.
-
دعم قدرات التخطيط واتخاذ القرار بشكل واعٍ ومدروس.
-
تشجيع النساء على تطوير استراتيجيات تفكير طويلة الأمد قادرة على مواجهة أزمات الحاضر والتخطيط للمستقبل.
إن ما يميز تدريبات شمس للتأهيل والتنمية في هذا المجال هو أنها لا تقدم المعرفة كمادة جاهزة فحسب، بل تعمل على بناء منظومات فكرية جديدة لدى النساء، تمكّنهن من إعادة النظر في الكثير من أنماط التفكير التقليدية التي قد تكون معيقة أحياناً للنمو الشخصي والاجتماعي.
تؤمن منظمة شمس أن تمكين المرأة لا يتحقق فقط عبر الدعم الاقتصادي أو المهني، بل يبدأ من بناء قدراتها الذهنية والفكرية، لأن الفكر الواعي هو حجر الأساس في أي عملية تطوير حقيقي ومستدام. في ظل الأوضاع الصعبة التي تعيشها النساء في المخيمات، يصبح امتلاك هذه الأدوات المعرفية نقطة انطلاق نحو التغيير الذاتي والمجتمعي.
وتبقى التدريبات مستمرة، حاملة معها رسالة أمل متجددة لكل امرأة تطمح لأن تكون شريكة فعالة في صنع التغيير رغم كل الظروف، ولأن المعرفة حق، والتفكير حق، والقدرة على صنع القرار حق لكل امرأة، في كل مكان.